نبذة عن ابن زريق البغدادي

Zohoor Alreef

عضو جديد
23 نوفمبر 2018
182
1
0
33
نبذة عن ابن زريق البغدادي

2699-cached.jpg



شعراء العراق
إنَّ شعراء العراق هم الشعراء الذين ينتمون إلى دولة العراق انتماءً وطنيًّا وفكريًّا وأدبيًّا، فكتبوا عنه وكتبوا فيه وكتبوا له، وكان العراق معلّقًا كالفانوس في ظلامهم، وقد اشتهر الشعراء العراقيّون شهرة واسعة عبر العصور، واستطاعوا أن يجعلوا لأنفسهم مدى واسعًا من الاهتمام النقديّ بأدبهم العظيم الذي توارثته الأجيال في العراق جيلًا بعد جيل، فالمتنبي في القديم والجواهري في الحديث جبلان عراقيّان بينهما وادٍ عظيم يجمع شعراء العراق على مرِّ العصور، وهذا المقال مخصص للحديث عن أحد شعراء العراق وهو ابن زريق البغدادي وقصيدته الشهيرة.

نبذة عن ابن زريق البغدادي

هو أبو الحَسن علي بن زريق البغداديّ، شاعر عراقيٌّ قديم، ولدَ في العراق في الكرخ التابعة لبغداد في عام مجهول، فلم يعرف التاريخ عام مولده، وتوفي عام 1029م، وهو أحد أغرب الشعراء العرب على الاطلاق وأعجبهم، فقد جاء غريبًا عن كلِّ أهل الأدب، فلم تردْ سيرتُهُ، ولم تعرف قصتُهُ، وكلُّ ما قيلَ عنه وعن حياتِهِ كانَ مجرّدَ استنباط ممن درسوا قصيدته الوحيدة، ولم يتناقل الناس أي بيت شعريٍّ له باستثناء قصيدته الوحيدة التي وردَ لها عدّة أسماء في تاريخ الأدب، قيل إنَّ اسمها عينية ابن زريق، وقيل فراقية ابن زريق.

قصيدة ابن زريق البغدادي

اشتُهرت لابن زريق قصيدة يتيمة، لم يعرفْ له غيرها من الشعر أي بيت، وهي قصيدة كتبها مخاطبًا زوجته وهو في آخر لحظات حياته، وقد أكّد ابن زريق لزوجته في قصيدته شدّةَ حبِّهِ لها، ويبين في نهاية قصيدته ندمه على عدم أخذهِ برأي زوجته التي نصحته بعدم الترحال والسفر، ولكنه خالف رأيها وسافر وهاجر حتّى مات في الغربة نادمًا على فراق زوجته وحيدًا لا أنيس معه ولا رفيق، وقد أظهر ابن زريق في قصيدته شاعريته الجميلة، وقدرته الغريبة على صياغة وترجمة مشاعره شعرًا عذبًا سلسبيلًا، يقول ابن زريق في قصيدته الوحيدة، عينية ابن زريق:

لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي نصحه حَدًا أَضَرَّ بِهِ مِن حَيثَ قَدَّرْتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعًا بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيٌ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندِ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقًـا، وَلا دَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصًا فلَستَ تَرى مُستَرزِقًـا وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَتْ بَغِيٌ أَلا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه إِرثاً، وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَرًا بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وكم تشفّعَ بي أن لا أُفَـارِقَهُ وللضروراتِ حالٌ لا تُشفّعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ أتبَعُهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلي لَستُ أَهجَعُهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعًا فَرِقاً فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ
بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَ آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ
هَل الزَمانُ مَعِيدٌ فِيكَ لَذَّتنا أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدٌ لا يُضيّعُهُ كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرهُ وَإِذا جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ لدهرٍ لا يُمَتِّعُنِي بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ
عِلمًـا بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبٌ فَرَجًا فَأَضيَقُ الأَمرِ -إِن فَكَّرتَ- أَوسَعُهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
وَإِن تُغِلْ أَحَدًا مِنّا مَنيَّتَهُ لا بُدّ في غَدِه الثّاني سَيَتْبَعَهُ
وإنْ يدُمْ أبدًأ هذا الفراق لنا فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ