الحرب العراقية الإيرانية بالتفصيل ...

ENG MUHAMED

[ADMIN]
طاقم الإدارة
25 فبراير 2008
10,079
43
48
support-ar.net
أولاً : بداية الحرب ،وتوغل القوات العراقية في العمق الإيراني .

ثانياً : إيران تبحث عن السلاح .

ثالثاً : إسرائيل تضرب المفاعل النووي العراقي .

رابعاً : إيران تستعيد قدراتها ،وتشن الهجوم المعاكس .

خامساً : استمرار الحرب ،وإيران تستكمل تحرير أراضيها .

سادساً : تحول ميزان القوى لصالح إيران ،واحتلال الفاو ،وجزر مجنون .

سابعاً : النظام العراقي يسعى للتسلح بأسلحة الدمار الشامل .

ثامناً : حرب الناقلات ،وتأثيرها على إمدادات النفط .

تاسعاً : معارك العام الأخير للحرب .

عاشراً : النظام الصدامي يهاجم مدينة حلبجة بالأسلحة الكيماوية .

أحد عشر: النظام العراقي يكثف حرب الصواريخ ،لتركيع إيران ،ونهاية الحرب.

اثنا عشر : النظام الصدامي يهاجم الشعب الكردي [ حملة الأنفال ] .





أولاً:بداية الحرب ،وتوغل القوات العراقية في العمق الإيراني:



في صباح الثاني والعشرين من أيلول 1980 ،قامت على حين غرة 154 طائرة حربية عراقية بهجوم جوي كاسح على مطارات إيران ،والمراكز الحيوية فيها ،ثم أعقبتها 100 طائرة أخرى في ضربة ثانية لإكمال ضرب المطارات والطائرات الحربية الإيرانية ،وكانت الطائرات تغير موجة إثر موجة ،وفي الوقت نفسه زحفت الدبابات والمدرعات العراقية نحو الحدود الإيرانية على جبهتين.

1 ـ الجبهة الأولى في المنطقة الوسطى من الحدود بين البلدين ،باتجاه [ قصر شيرين ] ، نظراً لقرب هذه المنطقة من قلب العراق ،لإبعاد أي خطر محتمل لتقدم القوات الإيرانية نحو ديالى ،ثم بغداد ،وقد استطاعت القوات العراقية الغازية احتلال[ قصر شيرين ].

2 ـ الجبهة الثانية في الجنوب ،نحو منطقة [ خوزستان ] الغنية بالنفط ،وذات الأهمية الإستراتيجية الكبرى ،حيث تطل على أعلى الخليج .

وفي خلال بضعة أسابيع من الهجوم المتواصل ،استطاعت القوات العراقية ،التي كانت قد استعدت للحرب ،من السيطرة على منطقة [ خوزستان ] بكاملها ،واحتلت مدينة [ خرم شهر ] ،وقامت بالتفاف حول مدينة [ عبدان ] النفطية ،وطوقتها .

وعلى الجانب الإيراني ،فقد قامت الطائرات الإيرانية بالرد على الهجمات العراقية ، وقصفت العاصمة بغداد ، وعدد من المدن الأخرى ، الا أن تأثير القوة الجوية الإيرانية لم يكن على درجة من الفعالية ،وخصوصاً وأن النظام العراقي كان قد تهيأ للحرب قبل نشوبها ، حيث تم نصب المضادات الأرضية فوق أسطح العمارات في كل أنحاء العاصمة والمدن الأخرى ،وتم كذلك نصب العديد من بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات حول بغداد . وهكذا فقد فقدت إيران أعداد كبيرة من طائراتها خلال هجومها المعاكس على العراق ،كما أن القوة الجوية الإيرانية كانت قد فقدت الكثير من كوادرها العسكرية المدربة بعد قيام الثورة ،مما اضعف قدرات سلاحها الجوي ، ولم يمضِ وقت طويل حتى أصبح للسلاح الجوي العراقي السيطرة المطلقة في سماء البلدين .

وفي الوقت الذي كانت إيران محاصرة من قبل الغرب ،فيما يخص تجهيزها بالأسلحة ، كانت الأسلحة تنهال على العراق من كل جانب ، كما أوعزت الولايات المتحدة إلى الرئيس المصري أنور السادات ببيع جميع الأسلحة المصرية من صنع سوفيتي إلى العراق ،وتم فتح قناة الاتصال بين البلدين عن طريق سلطنة عمان ،حيث كانت العلاقات بين البلدين مقطوعة منذُ أن ذهب السادات إلى إسرائيل .وقام السادات بالدور الموكول له ،وأخذت الأسلحة المصرية تُنقل إلى العراق عن طريق الأردن والسعودية خلال عام 1981 . كما بدأت خطوط الإنتاج في المصانع الحربية المصرية تنتج وتصدر للعراق المعدات والذخيرة ،والمدافع عيار 122ملم طيلة سنوات الحرب .

لقد كانت تلك العملية فرصة كبيرة للولايات المتحدة لإنعاش سوق السلاح الأمريكي ،حيث سعت لأن تتخلص مصر من السلاح السوفيتي ،وتستعيض عنه بالسلاح الأمريكي ،فقد بلغ قيمة ما باعه السادات من سلاح للعراق يتجاوز ألف مليون دولار خلال عام واحد ،وكانت أسعار الأسلحة المباعة تتجاوز أحياناً أسعارها الحقيقية ،وكان صدام حسين مرغماً على قبولها .(1)

وفي الوقت نفسه أشترى السادات من الأسلحة الأمريكية ،ما معدله [ ألف مليون دولار ] سنوياً ، ولمدة خمس سنوات ، التي تلت توقيعه على اتفاقية [ كامب ديفيد ] ،وبلغ قيمة ما اشترته مصر من الأسلحة الأمريكية ،أكثر مما اشترته من الاتحاد السوفيتي خلال السنين السابقة ،بعشرة أضعاف .

وفي حين لم تدفع مصر أكثر من ثلث ثمن الأسلحة السوفيتية ،فإنها دفعت ،ومع الفوائد ثمن كل السلاح الأمريكي ،ولم تعفى إلا بمقدار 7 مليارات دولار ،وكانت كرشوة من قبل الولايات المتحدة لمصر ، لقاء مشاركتها في الحرب ضد العراق في حرب الخليج الثانية عام 1991 ، وتقديراً لخدماتها في تحقيق الغطاء العربي لتلك الحرب الإمبريالية ضد العراق وشعبه ،بحجة تحرير الكويت ،ولقاء السكوت على حرب التجويع المستمرة منذُ 2 آب 1990،وحتى يومنا هذا، ضد الشعب العراقي المنكوب .

أما الاتحاد السوفيتي ، فقد بدأ بتوريد الأسلحة إلى العراق ،بعد توقف لفترة من الزمن ، وبدأت الأسلحة تنهال عليه عام 1981 ،حيث وصل إلى العراق 400 دبابة طراز T55 و250 دبابة طراز T 72)) كما تم عقد صفقة أخرى تناولت طائرات [ميك ] [وسوخوي ] و [ توبوليف ] ،بالإضافة إلى الصواريخ .

كما عقد حكام العراق صفقة أخرى مع البرازيل ،بمليارات الدولارات ،لشراء الدبابات ،والمدرعات ،وأسلحة أخرى ،وجرى ذلك العقد بضمانة سعودية ، واستمرت العلاقات التسليحية مع البرازيل حتى نهاية الحرب عام 1988.

وهكذا أستمر تفوق الجيش العراقي خلال العام 1981 ،حيث تمكن من احتلال مناطق واسعة من القاطع الأوسط منها [سربيل زهاب ]و[الشوش]و[قصر شيرين] وغيرها من المناطق الأخرى .

كما تقدمت القوات العراقية في القاطع الجنوبي ،في العمق الإيراني ،عابرة نهر الطاهري ،وكان ذلك الاندفاع أكبر خطأ أرتكبه الجيش العراقي ،بأمر من صدام حسين !!!، حيث أصبح في وضع يمكن القوات الإيرانية من الالتفاف حوله ،وتطويقه ،رغم معارضة القادة العسكريين لتلك الخطوة الانتحارية التي دفع الجيش العراقي لها ثمناً باهضاً من أرواح جنوده ،ومن الأسلحة والمعدات التي تركها الجيش ،بعد عملية التطويق الإيرانية ،والهجوم المعاكس الذي شنه الجيش الإيراني في تموز من عام 1982 ، والذي استطاع من خلاله إلحاق هزيمة منكرة بالجيش العراقي ،واستطاع تحرير أراضيه ومدنه في منطقة خوزستان ،وطرد القوات العراقية خارج الحدود .



ثانياً : إيران تبحث عن السلاح :



أحدث تقدم الجيش العراقي في العمق الإيراني قلقاً كبيراً لدى القيادة الإيرانية ،التي بدأت تعد العدة لتعبئة الجيش بكل ما تستطيع من الأسلحة والمعدات ،وقامت عناصر من الحكومة الإيرانية بالبحث عن مصادر للسلاح ،حيث كان السلاح الإيراني كله أمريكياً ،وكانت الولايات المتحدة قد أوقفت توريد الأسلحة إلى إيران منذُ الإطاحة بالشاه ،وقيام الحرس الثوري الإيراني باحتلال السفارة الأمريكية واحتجاز أعضائها كرهائن ،وتمكنت تلك العناصر ،عن طريق بعض الوسطاء من تجار الأسلحة ،من الاتصال بإسرائيل ، عن طريق أثنين من مساعدي رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ، وهما [ أودولف سكويمر ] و [ يلكوف نامرودي ]، بالاشتراك مع تاجر الأسلحة السعودي [ عدنان خاشقجي ] الذي قام بدور الوسيط ؟ (2)

وجدت إسرائيل ضالتها في تقديم الأسلحة إلى إيران،ذلك لأن العراق تعتبره إسرائيل عدواً لها ،وإن إضعافه ،وإنهاك جيشه في حربه مع إيران يحقق أهداف إسرائيل .

ولم يكن تصرف إسرائيل هذا ،بمعزل عن الولايات المتحدة ورضاها ومباركتها إن لم تكن هي المرتبة لتلك الصفقات ،بعد أن وجدت الولايات المتحدة أن الوضع العسكري في جبهات القتال قد أصبح لصالح العراق ،ورغبة منها في إطالة أمد الحرب أطول مدة ممكنة فقد أصبح من الضروري إمداد إيران بالسلاح لمقاومة التوغل العراقي في عمق الأراضي الإيرانية ،وخلق نوع من توازن القوى بين الطرفين .

وفي آذار من عام 1981 أسقطت قوات الدفاع الجوي السوفيتية طائرة نقل دخلت المجال الجوي السوفيتي قرب الحدود التركية ،وتبين بعد سقوطها أنها كانت تحمل أسلحة ومعدات إسرائيلية إلى إيران . وعلى الأثر تم عزل وزير الدفاع الإيراني [ عمر فاخوري ] ،بعد أن شاع خبر الأسلحة الإسرائيلية في أرجاء العالم .

إلا أن ذلك الإجراء لم يكن سوى تغطية للفضيحة ،وظهر أن وراء تلك الحرب مصالح دولية كبرى تريد إدامة الحرب ،وإذكاء لهيبها ،وبالفعل تكشفت بعد ذلك في عام 1986 ،فضيحة أخرى هي ما سمي [ إيران ـ كونترا ]على عهد الرئيس الأمريكي [ رونالد ريكان ] الذي أضطر إلى تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة السناتور [جون تاور ] وعضوية السناتور [ ادموند موسكي ] ومستشار للأمن القومي [برنت سكوكروفت ] ، وذلك في 26 شباط 19987 ،وقد تبين من ذلك التحقيق أن مجلس الأمن القومي الأمريكي كان قد عقد اجتماعاً عام 1983 ،برئاسة ريكان نفسه لبحث السياسة الأمريكية تجاه إيران ،وموضوع الحرب العراقية الإيرانية ،وقد وجد مجلس الأمن القومي الأمريكي أن استمرار لهيب الحرب يتطلب تزويد إيران بالسلاح وقطع الغيار والمعدات ، من قبل الولايات المتحدة وشركائها ،وبشكل خاص إسرائيل ،التي كانت لها مصالح واسعة مع حكومة الشاه لسنوات طويلة ، وأن تقديم السلاح لإيران يحقق هدفين للسياسة الإسرائيلية الإستراتيجية . الهدف الأول يتمثل في استنزاف القدرات العسكرية العراقية ،التي تعتبرها إسرائيل خطر عليها ، والهدف الثاني هو تنشيط سوق السلاح الإسرائيلي .

لقد قام الكولونيل [ اولفر نورث ] مساعد مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي بترتيب التعاون العسكري الإسرائيلي الإيراني من وراء ظهر الكونجرس الذي كان قد اصدر قراراً يمنع بيع الأسلحة إلى إيران ،وجرى ترتيب ذلك عن طريق شراء الأسلحة إلى ثوار الكونترا في نكاراغوا ،حيث كان هناك قرارا بتزويد ثورة الردة في تلك البلاد ،وجرى شراء الأسلحة من إسرائيل ،وسجلت أثمانها بأعلى من الثمن الحقيقي ،لكي يذهب فرق السعر ثمناً للأسلحة المرسلة إلى إيران ،بالإضافة إلى ما تدفعه إيران من أموال لهذا الغرض .(3)

وقد أشار تقرير اللجنة الرئاسية كذلك ،إلى أن اجتماعاً كان قد جرى عقده بين الرئيس [ريكان ] ومستشاره للأمن القومي [ مكفرن ] عندما كان ريكان راقداً في المستشفى لإجراء عملية جراحية لإزالة ورم سرطاني في أمعائه ،وقد طلب مستشاره الموافقة على فتح خط اتصال مع إيران ،وقد أجابه الرئيس ريكان على الفور : [أذهب وافتحه ].

وبدأ الاتصال المباشر مع إيران ،وسافر [ أولفر نورث ] بنفسه إلى إيران في زيارة سرية لم يعلن عنها ،وبدأت الأسلحة الأمريكية تنهال على إيران ،لا حباً بإيران ونظامها الإسلامي ،وإنما لجعل تلك الحرب المجرمة تستمر أطول مدة ممكنة (4)

ولم يقتصر تدفق الأسلحة لإيران ،على إسرائيل والولايات المتحدة فقط ،وإنما تعدتها إلى جهات أخرى عديدة ،ولعب تجار الأسلحة الدوليون دوراً كبيراً في هذا الاتجاه

ثالثاً : إسرائيل تضرب المفاعل النووي العراقي :



انتهزت إسرائيل فرصة قيام الحرب العراقية الإيرانية ،لتقوم بضرب المفاعل الذري العراقي عام 1981،فقد كانت إسرائيل تراقب عن كثب سعي النظام الصدامي لبناء برنامجه النووي ،حيث قامت فرنسا بتزويد العراق بمفاعل ذري تم إنشاءه في الزعفرانية ،إحدى ضواحي بغداد ،وكانت إسرائيل ،عبر جواسيسها تتتبّع التقدم العراقي في هذا المجال باستمرار .

وعندما قامت الحرب العراقية الإيرانية وجدت إسرائيل الفرصة الذهبية لمهاجمة المفاعل

،مستغلة قيام الطائرات الإيرانية شن غاراتها الجوية على بغداد ،وانغمار العراق في تلك الحرب مما يجعل من العسير عليه فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل آنذاك .

وهكذا هاجم سرب من الطائرات الإسرائيلية يتألف من 18 طائرة المفاعل النووي العراقي في كانون الثاني 1981،وضربه بالقنابل الضخمة ،وقيل حينذاك أن عدد من الخبراء الفرنسيين العاملين في المفاعل قد قدموا معلومات واسعة ودقيقة عن المفاعل ،مما سهل للإسرائيليين إحكام ضربتهم له ،وهكذا تم تدمير المفاعل . إلا أن العراق استطاع إنقاذ ما مقداره [12,3 كغم ]من اليورانيوم المخصب بنسبة 93% وهي كمية كافية لصنع قنبلة نووية . (5)

لم يستطع حكام العراق القيام بأي رد فعل تجاه الضربة الإسرائيلية ،واكتفوا بالتوعد بالانتقام من إسرائيل ،فلم يدر في خلدهم أن الحرب سوف تطول لمدة ثمان سنوات ، ويُغرق صدام حسين شعبه وبلاده في تلك الحرب المدمرة ،حيث دفع الشعب العراقي ثمناً باهضاً من أرواح بنيه وثروات بلاده ،وأثقلته بالديون .



رابعاً : إيران تستعيد قدراتها ،وتشن الهجوم المعاكس :



في أواسط عام 1982 ، استطاع النظام الإيراني احتواء هجوم الجيش العراقي ، وتوغله في عمق الأراضي الإيرانية ،وإعداد العدة للقيام بالهجوم المعاكس لطرد القوات العراقية من أراضيه بعد أن تدفقت الأسلحة على إيران ،وقامت الحكومة الإيرانية بتعبئة الشعب الإيراني ،ودفعه للمساهمة في الحرب .

لقد بدأت أعداد كبيرة من الإيرانيين بالتطوع في قوات الحرس الثوري ،مدفوعين بدعاوى دينية استشهادية ،وتدفق الآلاف المؤلفة منهم إلى جبهات القتال ،وقد عصبوا رؤوسهم بالعصابة الخضراء ،ولبس قسم منهم الأكفان وهم يتقدمون الصفوف .

وفي تلك الأيام من أواسط عام 1982 ، شنت القوات الإيرانية هجوماً واسعاً على القوات العراقية ،التي عبرت نهر الطاهري متوغلة في العمق الإيراني ،واستطاع الجيش الإيراني ،والحرس الثوري من تطويق القوات العراقية ،وخاض ضدها معارك شرسة ذهب ضحيتها الآلاف من خيرة أبناء الشعب العراقي الذين ساقهم الجلاد صدام حسين إلى ساحات القتال ، وانتهت تلك المعارك باستسلام بقية القوات العراقية بكامل أسلحتها للقوات الإيرانية .

واستمر اندفاع القوات الإيرانية عبر نهر الطاهري ،وأخذت تطارد بقايا القوات العراقية التي كانت قد احتلت مدينة [ خرم شهر ] وطوقت مدينة عبدان النفطية المشهورة ،واشتدت المعارك بين الطرفين ،واستطاعت القوات الإيرانية في النهاية من طرد القوات العراقية من منطقة [ خوزستان ] في تموز من عام 1982 ،بعد أن فقد الجيش العراقي أعداداً كبيرة من القتلى ،وتم أسر أكثر من عشرين ألف ضابط وجندي من القوات العراقية ،وغرق أعداد كبيرة أخرى في مياه شط العرب عند محاولتهم الهرب من جحيم المعارك سباحة لعبور شط العرب،وكانت جثثهم تطفوا فوق مياه الشط .

أحدث الهجوم الإيراني هزة كبرى للنظام العراقي وآماله ،وأحلامه في السيطرة على منطقة خوزستان الغنية بالبترول ،وكان حكام العراق قد ساوموا حكام إيران عليها بموجب شروط المنتصر في الحرب ،إلا أن حكام إيران رفضوا شروط العراق ،وأصروا على مواصلة الحرب ،وطرد القوات العراقية بالقوة من أراضيهم .

وبعد ذلك الهجوم الذي أنتهي بهزيمة العراق في منطقة خوزستان ،حاول النظام العراقي التوصل مع حكام إيران إلى وقف الحرب ،وإجراء مفاوضات بين الطرفين ، بعد أن وجد نفسه في ورطة لا يدري كيف يخرج منها ،مستغلاً قيام القوات الإسرائيلية في صيف ذلك العام 1982 باجتياح لبنان، واحتلالها للعاصمة بيروت ،وفرضها زعيم القوات الكتائبية [ بشير الجميل ] رئيساً للبلاد ،تحت تهديد الدبابات التي أحاطت بالبرلمان اللبناني ،لكي يتسنى للعراق تقديم الدعم للشعب اللبناني حسب ادعائه ،مبدياً استعداده للانسحاب من جميع الأراضي الإيرانية المحتلة ،إلا أن حكام إيران ،وعلى رأسهم [الإمام الخميني ]رفضوا العرض العراقي ،وأصروا على مواصلة الحرب ،وطلبوا من حكام العراق السماح للقوات الإيرانية المرور عبر الأراضي العراقية للتوجه إلى لبنان ، لتقديم الدعم للشعب اللبناني وقد رفض حكام العراق الطلب الإيراني كذلك .

وحاول حكام العراق ،بكل الوسائل والسبل وقف الحرب ،ووسطوا العديد من الدول ،والمنظمات ،كمنظمة الأمم المتحدة ،والجامعة العربية ،ومنظمة المؤتمر الإسلامي ،ولكن كل محاولاتهم ذهبت أدراج الرياح ،فقد كان الإمبرياليون يسعون بكل الوسائل والسبل إلى استمرار الحرب ،وإفشال أي محاولة للتوسط في النزاع ، فقد قتل وزير خارجية الجزائر عندما كان في طريقه إلى إيران ،في محاولة للتوسط بين الطرفين المتحاربين ،حيث أُسقطت طائرته ولف الحادث الصمت المطبق ،وبقي سراً من الأسرار .

كما اغتيل رئيس وزراء السويد [ أولف بالمه ] الذي بذل جهوداً كبيرة من أحل وقف القتال ،في أحد شوارع العاصمة السويدية ،وبقي مقتله سراً من الأسرار كذلك ، وقيل أن توسطه بين الأطراف المتحاربة لوقف القتال كان أحد أهم أسباب اغتياله ، هذا بالإضافة إلى موقفه النبيل من قضايا التسلح النووي ،والحرب الفيتنامية التي عارضها بشدة .

لقد كان إصرار حكام إيران على استمرار الحرب ،من اعظم الأخطاء التي وقعوا فيها ، ولا يمكن تبرير موقفهم ذاك بأي حال من الأحوال ،فقد أدى استمرار الحرب حتى الأشهر الأخيرة من عام 1988 ،إلى إزهاق أرواح مئات الألوف من أبناء الشعبين ، العراقي والإيراني ،وبُددت ثروات البلدين ،وانهار اقتصادهما ،وتراكمت عليهما الديون ،وأُجبر حكام إيران على شراء الأسلحة من عدويهما إسرائيل وأمريكا ،كما كانت شعاراتهم تقول .ولا أحد يعتقد أن الإمام الخميني وحكام إيران لم يكونو عارفين أن تلك الحرب كانت حرب أمريكية ،وتصب في خانة الولايات المتحدة وإسرائيل الإستراتيجية في المنطقة ،وكان خير دليل على ذلك قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتزويد الطرفين بالأسلحة ،والمعدات وقطع الغيار ،والمعلومات التي كانت تنقلها الأقمار الصناعية ،التجسسية الأمريكية لكلا الطرفين ،من أجل إطالة أمد الحرب ،وعليه كان الإصرار على استمرار الحرب جريمة كبرى بحق الشعبين والبلدين الجارين المسلمين ،بصرف النظر عن طبيعة النظام العراقي وقيادته الفاشية المجرمة والمتمثلة بصدام حسين وزمرته ،والتي كانت تدفع أبناء الشعب العراقي إلى ساحات الموت دفعاً ،وحيث كانت فرق الإعدام تلاحق الهاربين من الحرب ،أو المتراجعين أمام ضغط القوات الإيرانية في ساحات القتال .

لقد كان أحرى بالنظام الإيراني وبالإمام الخميني إيقاف القتال ،وحقن الدماء ، والعمل بقوله تعالى : [ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ] وقوله تعالى في آية أخرى : [ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين ] ،كما جاء في آية ثالثة قوله تعالى : [ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، فاصلحوا بينهم ]( صدق الله العظيم)تلك هي آيات من القرآن الكريم ، وهي تحث على السلام ،وحل المشاكل بالحسنى والعدل ،وربما يحاجج النظام الإيراني بأن صدام حسين لا يمكن أن يعتبر مؤمناً ،وبالتالي لا يمكن أن تنطبق عليه هذه الآيات الكريمة ،وهنا أعود فأقول أن الذين كانوا يقاتلون في تلك الحرب ، ليسو صدام حسين وزمرته ،وإنما الناس الأبرياء من أبناء الشعب والذين ساقهم صدام للحرب عنوة ، فهل يُعتبر الشعب العراقي كله في نظر حكام إيران غير مؤمنين ؟

ومن جهة أخرى كان النظام الإيراني قد أدرك أن الإمبرياليين يساعدون الطرفين ، ويمدونهم بالسلاح والمعلومات العسكرية ،أفلا يكون هذا خير دليل على أن تلك الحرب هي حرب أمريكية ،استهدفت البلدين والشعبين والجيشين ،من أجل حماية مصالح الإمبرياليين في الخليج ،وضمان تدفق النفط إليهم دون تهديد أو مخاطر ، وبالسعر الذي يحددونه هم ؟ ثم ألا يعني استمرار تلك الحرب ،خدمة كبرى للإمبرياليين،وكارثة مفجعة لشعبي البلدين وللعلاقات التاريخية وحسن الجوار بينهما ؟

لقد أعترف صدام حسين عام 1990 ،بعد إقدامه على غزو الكويت،في رسالة إلى الرئيس الإيراني [ هاشمي رفسنجاني ] ،أن تلك الحرب كان وراءها قوى أجنبية ، حيث ورد في نص الرسالة ما يلي : [إن هناك قوى كانت لها يد في الفتنة ] .

ولكن صدام حسين لم يقل الحقيقة كاملة ،وبشكل دقيق ،لأن الحقيقة تقول أن صدام حسين ، أشعل الحرب بأمر ، أو تحريض أمريكي ،وظن صدام أن بإمكانه تحقيق طموحاته في التوسع والسيطرة ،ولعب دور شرطي الخليج ،بعد أن كانت إيران ،على عهد الشاه ،تقوم بهذا الدور، ويصبح للعراق منفذاً على الخليج .

لقد أراد صدام حسين أن يزاوج مصالح الإمبريالية بأطماعه التوسعية ،ولكن حسابات البيدر كانت غير حسابات الحقل ،كما يقول المثل ،ودفع العراق ثمناً غالياً من دماء أبنائه ،وبدد صدام حسين ثروات البلاد ، واغرق العراق بالديون ،ودمر اقتصاده ، ولم يستفد من تلك الحرب سوى الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم ، وليذهب إلى الجحيم شعبا البلدين المظلومين من قبل حكامهما ،ومن قبل الإمبرياليين أساس البلاء.

ربما فكر الإمام الخميني بأن استمرار الحرب يمكن أن يحقق له أهدافاً في العراق ، كقيام ثورة [ شيعية ] تسقط النظام الصدامي ،لكن هذا الحلم كان غير ممكن التحقيق ،لسبب بسيط ،وهو أن الإمبريالية لا يمكن أن تسمح بقيام نظام ثانٍ في العراق على غرار النظام الإيراني ،ولا حتى تسمح بأن يسيطر صدام حسين على إيران ليشكل ذلك أكبر خطر على مصالحهم في المنطقة ،وتسمح لأحد المنتصرين الجلوس على نصف نفط الخليج ،وليس أدل على ذلك من إعلان الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في خطابه أمام الكونجرس الأمريكي ، في 23 كانون الثاني من عام 1980 والذي جاء فيه ما يلي :

{ إن أي محاولة من جانب أي قوى للحصول على مركز مسيطر في منطقة الخليج ، سوف يعتبر في نظر الولايات المتحدة الأمريكية كهجوم على المصالح الحيوية بالنسبة لها ،وسوف يتم رده بكل الوسائل ، بما فيها القوة العسكرية } .(6)

هذه هي حقائق الوضع في منطقة الخليج ،والتي جهلها أو تجاهلها حكام البلدين ، ليغرقوا بلديهما وشعبيهما في ويلات أطول حرب في القرن العشرين .

خامساً : استمرار الحرب ،وإيران تستكمل تحرير أراضيها :



اشتدت الحرب ضراوة ما بين الأعوام 1983 ـ 1986 ،حيث أخذت إيران زمام المبادرة من العراقيين ،واستطاعت بعد إكمال تحرير إقليم خوزستان ،أن تركز جهدها الحربي نحو القاطع الأوسط من ساحة الحرب ،وشنت هجوماً واسعا على القوات العراقية ،مسددة له ضربات متواصلة ،استطاعت من خلالها تحرير مدن [ قصر شيرين] و [ سربيل زهاب ] و [ الشوش ]،وتمكنت من طرد القوات العراقية من كافة الأراضي الإيرانية ،ومنزلة بها خسائر جسيمة بالأرواح ،والمعدات ،وتم أسر الآلاف من جنوده وضباطه ،والاستيلاء على معدات وأسلحة ودبابات بأعداد كبيرة ، هذا بالإضافة إلى آلاف القتلى الذين تركوا في ساحات المعارك ،ولم يكن بالإمكان نقلهم جميعاً إلى داخل الحدود العراقية ،ومع ذلك فقد كانت سيارات النقل كل يوم تنقل أعداد كبيرة من ضحايا تلك الحرب المجرمة ،وكان الشعب العراقي يتحرق ألماً ، وغضباً على النظام الصدامي الذي ورط العراق بتلك الحرب ،وقمع أي معارضة لها بأقسى وسائل العنف ،فقد كان مصير كل من ينتقد الحرب ،الموت الزؤام، ومن الأمثلة على جرائم صدام حسين ، أنه عقد في تلك الأيام اجتماعاً مشتركاً لمجلس الوزراء والقيادة القطرية ،لبحث مسألة الحرب ،ووسائل وقفها ،وكان حكام إيران آنذاك يصرون على عدم التفاوض مع صدام حسين ووقف الحرب ،أراد صدام أن يقف على أراء الحاضرين في الاجتماع ،حيث سألهم قائلا ً: [ما هو رأيكم في أن أتخلى عن السلطة لكي نوقف الحرب؟]

وكان جواب وزير الصحة [رياض إبراهيم ] والذي جاء بشكل عفوي قائلاً :

[ سيادة الرئيس ،إذا كان باستقالتكم يمكن أن يتوقف نزيف الحرب ،فلا بأس في ذلك]. فما كان من صدام حسين إلا أن سحب مسدسه وأطلق على رأسه الرصاص وأرداه قتيلاً في الحال . هذا هو مصير كل من يعارض ،أو حتى يقترح ما لا يوافق عليه صدام .

لقد حاول صدام امتصاص غضب الشعب واستياءه من الحرب وكثرة الضحايا برشوة ذويهم ، وذلك بتقديم سيارة ومبلغ من المال ،أو قطعة أرض او شقة أو دار ، وكانت الحكومة السعودية ، وحكام دول الخليج الأخرى تدفع الأموال الطائلة لتمكن صدام حسين من دفع تلك الرشاوى ،ولشراء الأسلحة والمعدات للجيش العراقي ،بعد أن أستنفذ دكتاتور العراق كامل احتياطات البلاد من العملات النادرة البالغة 36 ملياراً من الدولارات والذهب ،واستنفذ كل موارد العراق النفطية والبالغة 25 مليار دولار سنوياً ،هذا بالإضافة إلى إغراق العراق بالديون ،والتي جاوزت حدود أل 60 مليار دولار .

لقد كان من الممكن أن يكون العراق اليوم في مصاف الدول المتقدمة في تطوره ، ومستوى معيشة شعبه ،نظراً لما يتمتع به العراق من ثروات نفطية ومعدنية ،وأراضي زراعية خصبة ،ومياه وفيرة ،ولكن الجلاد آثر أن يسوق الشعب العراقي نحو الجوع والفقر ،والوطن نحو الدمار والخراب

 

ENG MUHAMED

[ADMIN]
طاقم الإدارة
25 فبراير 2008
10,079
43
48
support-ar.net
سادساً:الجيش الإيراني يحتل شبه جزيرة الفاو،وجزر مجنون الغنية بالنفط :



اشتدت المعارك بين الجيشين العراقي والإيراني،وبدت إيران في وضع يمكنها من شن الهجمات البشرية المتتالية ،تارة على القاطع الجنوبي نحو البصرة ،وتارة أخرى نحو القاطع الأوسط ،حول مدن مندلي وبدرة وجصان،وتارة ثالثة نحو القاطع الشمالي المحاذي لكردستان ،وكان الوضع في كردستان في غير صالح النظام ،بالنظر إلى الجرائم التي أقترفها بحق الشعب الكردي ، مما دفع الأكراد إلى الوقوف إلى جانب إيران رغبة في إسقاط النظام ،واستطاعت القوات الإيرانية من احتلال أجزاء من المناطق في كردستان .

أما هجماته في القاطعين الأوسط والجنوبي ،فقد كان حكام العراق قد حشدوا قوات كبيرة مجهزة بشتى أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيماوية الفتاكة ،التي أستخدمها صدام حسين لدحر الهجمات الإيرانية ،موقعاً خسائر جسيمة في صفوف القوات الإيرانية والعراقية ،حيث سقط عشرات الألوف من جنود وضباط الطرفين في تلك المعارك الشرسة والتي تقشعر من هولها الأبدان . ولم يفلح الإيرانيون في الاحتفاظ بأي تقدم داخل الأراضي العراقية حتى نهاية عام 1985 .

لكن الوضع اصبح خطيراً بالنسبة للعراق عام 1986،عندما استطاعت القوات الإيرانية الاندفاع نحو شبه جزيرة الفاو واحتلالها بأكملها بعد معارك دموية شرسة ، ودفع فيها الشعب العراقي ما يزيد على 50 ألف من أرواح أبنائه ،في محاولة من صدام حسين لاستعادتها من أيدي الإيرانيين ،وكان الإيرانيون يستهدفون من احتلالها قطع الاتصال بين العراق ودول الخليج العربي، التي كان العراق يحصل على الأسلحة والمعدات عن طريقها ،إضافة إلى محاولة إيران منع العراق من تصدير نفطه عن طريق الخليج، وحرمانه من موارده النفطية اللازمة لإدامة ماكينته الحربية ،وقد أضطر العراق إلى مد أنبوبين لنقل النفط إلى الأسواق الخارجية ،الأول عبر الراضي التركية ، والثاني عبر الأراضي السعودية بعد أن اصبح نفطه مطوقاً ،وسيطرت البحرية الإيرانية على مداخل الخليج .

أستمر الإيرانيون في تكثيف هجماتهم على القوات العراقية بعد احتلالهم شبه جزيرة الفاو ،وركزوا على منطقة [ جزر مجنون ] الغنية جداً بالنفط ،واستطاعوا احتلالها بعد معارك عنيفة .

سابعاً : النظام العراقي يسعى للتسلح بأسلحة الدمار الشامل :



كاد النظام الصدامي يفقد صوابه ،بعد أن تطورت الأوضاع على جبهات القتال لغير صالح العراق وبدأ يعبئ كل موارد البلاد لخدمة المجهود الحربي ،كما أخذ يطلب المساعدة من دول الخليج ومن السعودية بشكل خاص ،وشعر حكام الخليج أن الخطر قد بدأ يتقدم نحو المنطقة ،فسارعوا إلى تقديم كل أنواع الدعم ،والمساعدة المالية ، وحصل العراق في تلك الفترة على 12 مليار دولار،وكان عدد من الدول العربية كمصر والسعودية والكويت تقوم بشراء الأسلحة لحساب العراق .

غير أن حكام العراق وجدوا أخيراً أن السعي لإنشاء مصانع الأسلحة ،ذات الدمار الشامل ،يمكن أن تكون أداة فعالة لدفع الخطر عن البلاد ،وتم إنشاء هيئة التصنيع العسكري ،وبدأ العراق بإنتاج الأسلحة الكيماوية ،مستفيدين من خبرة العلماء المصريين ،وبعض العلماء الأجانب ،الذين سبق وعملوا في برامج الأسلحة الكيماوية في عهد عبد الناصر وأوقفها السادات من بعده ،ثم بدأ العراق في إنتاج وتطوير الصواريخ من طراز [ سكود ] وطوروا مداها لكي تصل إلى ابعد المدن الإيرانية وكان الإيرانيون قد حصلوا على عدد من تلك الصواريخ ،وضربوا بها العاصمة بغداد وبعض المدن الأخرى ، حيث كانت تلك الصواريخ تطلق نحو العراق كل بضعة أيام أو أسابيع لتصيب الأهداف المدنية ،وتفتك بالأبرياء ،فقد أصاب أحد تلك الصواريخ مدرسة ابتدائية في بغداد ،وقتل العديد من الأطفال ،وجرح أعداد أخرى ،وكان الشعب العراقي ينتابه القلق الشديد كل يوم ،من هذا السلاح الخطير ، حيث لا أحد يعلم متى وأين سيقع الصاروخ ،وكم سيقتل من الآمنين .

وتمكن العراق من الحصول على أعداد كبيرة من تلك الصواريخ ،وبدأ في تطويرها ، وزيادة مداها ،وبدأ حكام العراق يطلقونها على العاصمة الإيرانية والمدن الأخرى بكثافة، حتى جاوز عدد الصواريخ التي أطلقوها على المدن الإيرانية أكثر من [1000 صاروخ ]،منزلين الخراب ،والدمار بها الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين ،وأخذت الحرب تزداد خطورة وأذى للسكان المدنيين .

كما تمكن العراق من إنتاج كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية ،واستخدمها في صد هجمات القوات الإيرانية ،منزلاً بها الخسائر الجسيمة في الأرواح ،كما راح حكام العراق يعبئون صواريخ سكود بالغازات السامة ،كغاز [الخردل ] و[السارين ] السامين ،ثم بدءوا يتطلعون إلى تطوير ترسانتهم الحربية في مجال الأسلحة البيولوجية والجرثومية ،وتمكنوا من إ نتاجها وتعبئة القنابل بها .

أحدث برامج التسلح العراقي هذا ، قلقاً كبيراً لدى إسرائيل ،التي كانت تتابع باهتمام بالغ تطوير برامج التسلح العراقي ،وقام جهاز المخابرات الإسرائيلية [ الموساد ] بحملة ضد العلماء الذين ساهموا في تطوير البرامج ،وضد الشركات الغربية التي جهزت العراق بالأجهزة ، والمعدات اللازمة لتطويرها ،وخاصة ،الشركات الألمانية والفرنسية والأمريكية والبلجيكية والسويسرية ،التي بلغ عددها أكثر من 300 شركة .

كما قام الموساد باغتيال العالم المصري ،والأمريكي الجنسية [ يحيى المشد ] ،الذي عمل في تطوير الأسلحة العراقية ذات الدمار الشامل ،كما أغتال العالم البلجيكي ، الدكتور [ جيرالد بول ] في بروكسل ،حيث كان هذا العالم يعمل لإنتاج المدفع العملاق للعراق ،وقام جهاز المخابرات الإسرائيلي أيضاً بنسف توربينات المفاعل النووي [ أوزيراك ] في ميناء [ مرسيليا ] الفرنسي حيث كان معداً لنقله إلى العراق. غير أن العراق واصل نشاطه في بناء مفاعل جديد بإشراف العالم النووي العراقي [جعفر ضياء جعفر ] ، الذي استطاع أن يحقق نجاحاً بارزاً في هذا المجال ، وكان كل ذلك يجري تحت سمع وبصر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين ومساعدتهم ،من أجل إبقاء نار الحرب مشتعلة بين العراق وإيران .

*********



ثامناً : حرب الناقلات ،وتأثيرها على إمدادات النفط :



عمل الطرفان المتحاربان على منع كل طرف للطرف الآخر من تصدير نفطه ،بالنظر إلى اعتماد كلا البلدين على واردات النفط لتمويل الحرب ،ولكون اقتصاد البلدين يعتمد إعتماداً كلياً على تلك الواردات ،ولذلك وجدنا قوات البلدين تقوم بقصف المنشآت النفطية لكل منهما ، واستمر القصف طيلة الحرب .

كما قامت القوات الإيرانية بلغم رأس الخليج لمنع الناقلات من الوصول إلى ميناء البكر النفطي ،مما اضطر العراق كما أسلفنا إلى مد أنابيب لنقل النفط عبر الأراضي التركية والسعودية ،فيما كانت سوريا قد أوقفت مرور النفط العراقي في الخط المار عبر أراضيها إلى ميناء بانياس وميناء طرابلس اللبناني منذُ نشوب الحرب .

كما قامت الكويت ببيع النفط لحساب العراق ،ونقله على ناقلاتها ،مما دفع إيران إلى مهاجمة الناقلات الخليجية ،حيث أصيب أكثر من 160 ناقلة منها 48 ناقلة كويتية ، واضطرت الكويت إلى شراء الحماية لناقلاتها من الولايات المتحدة ،وقامت برفع العلم الأمريكي عليها لمنع إيران من مهاجمتها ،كما قامت حكومة الكويت بتأجير 11 ناقلة سوفيتية لضمان عدم الاعتداء عليها ،وحاولت شراء الحماية من الصين كذلك ، لكن الولايات المتحدة عارضت ذلك ، خوفاً على مصالحها في الخليج . (7)

أما حكام العراق فقد سعوا أيضاً إلى منع إيران من تصدير نفطها ،وقامت طائرات من طراز [سوخوي 23] ، وطائرات من طراز [ميراج] الفرنسية التي استأجرها العراق ، والمحملة بصواريخ [أكزوزسيت ] والتي استطاع بواسطتها من الوصول إلى ابعد نقطة في الخليج لملاحقة الناقلات التي تنقل النفط الإيراني ،وتدمير المرافئ التي تستخدمها إيران لتصدير النفط .

وهكذا اشتعلت حرب الناقلات بين البلدين المتحاربين ،أصبحت عملية نقل النفط خطيرة ،وصعبة ،ورفعت شركات التأمين رسومها على الناقلات إلى مستوى عالٍ جداً مما سبب في رفع أسعار النفط في الأسواق العالمية .

وفي تلك الأيام قامت طائرة عراقية بضرب طراد امريكي ،في 18 أيار 987 ، حيث اعتقد الطيار أنه طراد إيراني ،وأدى قصفه إلى مقتل 28 فرداً من القوات الأمريكية ، واعترفت الحكومة العراقية بقصف الطراد وقدمت اعتذاراً للحكومة الأمريكية ،وتم دفع تعويضات لأسر العسكريين القتلى بمقدار 800 ألف دولار لكل قتيل ،ولم يصدر أي رد فعل أمريكي ضد العراق ،فقد كانت العلاقات بينهما على خير ما يرام .(8)

استمرت حرب الناقلات ،بل وتصاعدت في السنوات الأخيرة من الحرب ،أصبحت تمثل خطراً حقيقياً على تدفق النفط الذي من أجله أٌشعلت نيران الحرب ،واصبح الخليج مملوء بالألغام، وأصبح استمرار الحرب يعطي نتائج عكسية ، مما دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى التحرك لإنهائها بعد تلك السنين الطويلة من الدماء والدموع والخراب والدمار الذي عم البلدين ،وكان إنهاءها يتطلب دعماً كبيراً للعراق ،لأخذ

المبادرة وقلب موازين القوى لصالح العراق ،وطرد القوات الإيرانية من الأراضي العراقية ،وتوجيه الضربات الموجعة لإيران لتركيعها وإجبارها على القبول بوقف الحرب . وقد جرى ذلك الدعم بمختلف السبل ،من تقديم المعلومات العسكرية إلى تقديم شتى أنواع الأسلحة ،وتقديم الخبرات ،ومشاركة ضباط مصريين كبار ، بالإضافة إلى القوات المصرية ،والأردنية ، واليمانية ،وغيرها من السبل والوسائل ، وبدأ العراق يعد العدة لشن الهجوم تلو الهجوم لطرد القوات الإيرانية من أراضيه
 

ENG MUHAMED

[ADMIN]
طاقم الإدارة
25 فبراير 2008
10,079
43
48
support-ar.net
تاسعاً : المعارك التي خاضها العراق في العام الأخير للحرب :



1 ـ معركة تحرير الفاو :

في عام 1988 ،العام الأخير للحرب ،تحول ميزان القوى مرة أخرى لصالح العراق ، وبدأ النظام العراقي يعد العدة لتحرير أراضيه من الاحتلال الإيراني ،وكان في مقدمة أهدافه ،تحرير الفاو، التي مضى على احتلالها 21 شهراً .

حشد النظام العراقي قوات كبيرة من الحرس الجمهوري ،ومعدات لا حصر لها ،كان من بينها 2000 مدفع ، ومئات الدبابات والمدرعات ،وبدأ الهجوم يوم 17 نيسان 988 ،واستطاعت القوات العراقية تحقيق انتصار ساحق على القوات الإيرانية ،بعد أن حولت المنطقة إلى كتلة من لهيب ودفع العراق حياة خمسين الفا من أبنائه ثمناً لتحرير الفاو .



*******



2 ـ تحرير المناطق المحيطة بمدينة البصرة :



كان الهدف الثاني للنظام العراقي هو تحرير المناطق المحيطة بمدينة البصرة ،وإبعاد القوات الإيرانية عن المدينة ،التي كانت طيلة الحرب هدفاً لقصف المدفعية الإيرانية ، والهجمات المتتالية عليها بغية احتلالها ،ولذلك فقد ركز النظام العراقي جهد قواته إلى تلك المنطقة ،وخاض مع القوات الإيرانية معارك شرسة دامت ثلاثة أسابيع ،وتمكنت القوات العراقية بعدها من تحرير كافة المناطق المحيطة بالبصرة ،بعد أن قدم التضحيات الجسام .

3 ـ تحرير جزر مجنون :



بعد أن فرغت القوات العراقية من تحرير الفاو كان أمامها الهدف الثالث ، الذي لا يقل أهمية عن الهدفين الأولين ،جزر مجنون ،التي تعتبر من أغنى المناطق التي تحتوي على احتياطات نفطية هائلة ،وقد تمكنت القوات العراقية بعد معارك عنيفة من تحريرها من أيدي الإيرانيين ، وإلحاق الهزيمة بالجيش الإيراني .



4 ـ تحرير المناطق الحدودية الممتدة من البصرة إلى مندلي :



انتقلت القوات العراقية ،بعد تحرير جزر مجنون إلى ملاحقة القوات الإيرانية ،التي كانت قد احتلت فيما مضى مناطق على طول الحدود الممتدة بين البصرة في الجنوب ومندلي في القاطع الأوسط ،واستمرت في توجيه الضربات للقوات الإيرانية التي أخذت معنوياتها تتراجع يوماً بعد يوم ،واستطاعت القوات العراقية طردها من تلك المناطق ،ودفعها إلى داخل الحدود الإيرانية .



5 ـ اختراق الحدود الإيرانية من جديد :



لم تكتفِ القوات العراقية من إزاحة القوات الإيرانية من الأراضي العراقية ،وإنما طورت هجماتها ،وأخذت تلاحق القوات الإيرانية إلى داخل الحدود ،واستمر تقدم القوات العراقية في العمق الإيراني إلى مسافة 60 كم،مما جعل القوات الإيرانية في موقف صعب للغاية ،وتنفس النظام العراقي الصعداء ،واستمر في ضغطه على القوات الإيرانية لإجبارها على القبول بوقف الحرب التي عجزت كل الوساطات عن إقناع حكام إيران بوقفها .



عاشراً :النظام العراقي يهاجم مدينة حلبجة الأسلحة الكيماوية :



في ليلة 13 آذار 1988 ،بادرت القوات الإيرانية بالهجوم على مدينة حلبجة الواقعة في القسم الشمالي الشرقي من كردستان ،في سهل شهر زور ،بمساعدة قوات البيشمركة العائدة للحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ،وكان النظام الإيراني يرمي من هجومه على المدينة التعويض عن هزائمه أمام القوات العراقية في القاطعين الجنوبي والأوسط ،ولرفع معنويات جنوده المنهارة بعد تلك الهزائم .

بدأت القوات المهاجمة بقصف المدينة بالمدفعية لمدة ثلاثة أيام ،ثم أعقبتها بالهجوم البري الذي دام يومين ،حيث استطاع الإيرانيون من احتلال المدينة في 15 آذار ، وتقهقرت القوات العراقية التي كانت متواجدة هناك تاركة أسلحتها ومعداتها في ارض المعركة وبدأ الإيرانيون يتحدثون عِبر وسائل إعلامهم عن انتصارات حققوها في منطقة حلبجة ،وبدأ المصورون يصورون القوات الإيرانية وهي تحتل المدينة .

أدرك الأهالي أن الأخطار تحدق بهم ،وأن النظام الصدامي سوف لن يدع القوات الإيرانية تحتل المدينة ،وكان أكثر ما يقلقهم هو إمكانية تعرضهم للضرب بالأسلحة الكيماوية ،ولذلك فقد حاولوا مغادرة المدينة وإخلائها ،لكن الإيرانيين منعوهم من ذلك .

لكن القوات الإيرانية لم تمكث في المدينة ،وبدأت تنسحب منها تاركة الأهالي ، وقوات البيشمركة فيها ،فقد توقعوا أن يشن النظام الصدامي الهجوم عليها بالأسلحة الكيماوية .

وفي صباح يوم 16 آذار حلقت 8 طائرات حربية عراقية فوق المدينة ،وبدأت بالقصف العشوائي ،مركزة على منطقتي [ السراي ] و[ كاني قولكه ] .

وبعد الظهر جاءت موجة أخرى من الطائرات لتقصف المدينة بكل أحيائها ،وكانت تستهدف كسر زجاج النوافذ للدور تمهيداً لقصفها بالسلاح الكيماوي،لكي تنفذ الغازات السامة في كل مكان ،ولكي تقتل أكبر عدد من المواطنين .

وفي الساعة الثالثة والربع من عصر ذلك اليوم جاءت موجة أخرى من الطائرات لتقصف المدينة بالسلاح الكيماوي ، مركزة القصف على أحياء [ بير محمد ] و[جوله كان ] و[ كاني قولكه ] [والسراي ]، ثم تلتها موجة أخرى من الطائرات بعد ساعة لتقصف المدينة من جديد ،مركزة القصف على كل أنحاء المدينة .

وتحدث أحد الناجين من تلك المجزرة البشرية ،التي ذهب ضحيتها اكثر من 5000 مواطن كردي ،أغلبهم من النساء ، والأطفال ،والشيوخ، فقال :

{في البداية سمعنا صوت انفجارات مدوية ،تلاها بعد خمس دقائق انتشار ما يشبه الضباب الذي راح يقترب من الأرض شيئاً فشيئاً ،وبدأت العيون تدمع وشعرنا بحرقة شديدة ،وكانت الرائحة أشبه برائحة البارود ،وتسرب الدخان الأبيض إلى كل المنازل ،والمخابئ ،وبدأ الناس يشعرون بالاختناق ،وتدافعت جموعهم للخروج نحو الخارج لتشم الهواء ،وكان الناس يصرخون كالمجانين ،ويضعون أيديهم على عيونهم ، وأنوفهم ،ثم يسقطون على الأرض ويأتون بحركات متشنجة ،ويتقيئون ،ويبصقون دماً ، وأصيبت عيونهم بالعمى ،وكانت أنوفهم وأفواههم تنزف دماً ،وقد ازرقت بشرتهم ،ثم بدأوا يفارقون الحياة ،وكنت أرى الجثث في الشوارع ،والطرقات وفي كل مكان ،وكان البعض منهم لا يزال ينازع الحياة ،وقد شوهتهم الحروق ،وبدت المدينة أشبه بمقبرة انتزعت الجثث فيها من قبورها ،وتناثرت على الأرض ،وقد استطاع البعض تصوير تلك المشاهد المرعبة التي تصف جرائم النظام الصدامي خير وصف }.



أحد عشر:العراق يكثف حرب الصواريخ لتركيع إيران،ونهاية الحرب :



أخذ حكام العراق ،بعد أن تسنى لهم دفع القوات الإيرانية إلى عمق أراضيهم يضغطون على حكام إيران من أجل القبول بوقف الحرب ،وذلك عن طريق تكثيف حرب الصواريخ لإحداث حالة من الانهيار النفسي لدى الشعب الإيراني ،فقد كانت الصواريخ تنهال على طهران ،والمدن الإيرانية الأخرى بشكل متواصل محدثة خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات ،وخلقت حالة من الهلع لدى الشعب الإيراني .

وفي ظل تلك الظروف صدر قرار مجلس الأمن رقم 579، والذي دعا إلى وقف القتال بين الطرفين وانسحاب القوات العسكرية إلى داخل حدودها الوطنية ،ووجد حكام إيران أنهم قد أصبحوا عاجزين عن مواصلة الحرب ،واضطر الزعيم الديني [ آية الله الخميني ] إلى إصدار أوامره بوقف الحرب في 18 تموز 1988 ،والقبول بقرار مجلس الأمن على مضض ،حيث أعلن الخميني أنه يشعر وهو يصدر أمره بوقف الحرب ،بأنه يشرب السم .

وهكذا توقفت الحرب بين العراق وإيران ،بعد مجازر رهيبة استمرت طيلة ثمان سنوات ،وذهب ضحيتها أكثر من مليون إنسان ،من كلا البلدين ،إضافة إلى آلاف المعوقين والأرامل واليتامى ،وتدمير اقتصاد البلدين ،وتخريب مرافقهما الاقتصادية .والأعظم من كل ذلك هو التأثير النفسي الذي تركته تلك الحرب المجرمة على أبناء الشعبين المغلوبين على أمرهما ،والتي لم يجنيا منها سوى الدماء والدموع .



اثنا عشر:النظام الصدامي يهاجم الشعب الكردي ( حملة الأنفال ) :



لم يكد النظام الصدامي ينتهي من معاركه الخمسة مع إيران ،وتضع الحرب أوزارها ، حتى التفت إلى منطقة كردستان ، وقد امتلأ قلب صدام حسين حقداً على الأكراد فأصدر أوامره إلى قوات الحرس الجمهوري،بقيادة المجرم العريق [ علي حسن المجيد ] الملقب [ علي كيماوي ] حيث ارتبط أسمه باستخدام السلاح الكيماوي ضد أبناء الشعب الكردي .

ففي 20 آب 988 ، اليوم الذي جرى فيه إيقاف الحرب بين العراق وإيران اندفعت قطعان الفاشيين نحو كردستان مستخدمة في بداية هجومها السلاح الكيماوي في منطقة واسعة جاوزت 6000كم مربع أصابت معظم القرى الكردية في المنطقة الممتدة من كركوك وحتى أقصى حدود كردستان ،كما قامت الطائرات صباح يوم 26 آب ب24 غارة بالأسلحة الكيماوية على مدن وقرى عديدة في كردستان ، منها بابير ،وكه ركو ،وبليت ،وباروك، وزيوه ،وزيريج ،وبازيان ودهوك ، والشيخان ، والعمادية .وكانت الطائرات تتعقب الهاربين من جحيم الحرب ، كما شاركت الطائرات المروحية في مطاردتهم ، وبلغ عدد الفارين نحو الحدود التركية أكثر من 90 ألفاً وكان قسم منهم مصاباً بحروق جراء تعرضهم الأسلحة الكيماوية.

أعقب الهجوم البربري بالأسلحة الكيماوية اجتياح الحرس الجمهوري لكردستان ، حيث أكتسحت القوات الفاشية المنطقة مبتدئة بالقرى المحيطة بكركوك لتمسحها من الوجود ،وتتركها أكواما من الحجارة ،ولتفتك بأبناء الشعب الكردي بأسلوب رهيب ،لم تشهد له كردستان من قبل ،حيث لم يسلم من بطش القوات الغازية حتى الأطفال ،ولم تنجوا الجوامع والكنائس من همجية الفاشيين البعثيين .

لقد التُقِطتْ مكالمة هاتفية من علي حسن المجيد إلى قائد الفيلق الذي قاد الهجوم يقول له بالحرف الواحد: {لا تدع حتى الأطفال ، لأنهم سيكبرون غداً ويحملون السلاح ضدنا }.

وهكذا أباد الفاشيون ما يزيد على 180 ألف مواطن كردي ،دفنتهم الجرافات العسكرية في قبور جماعية مجهولة ،وبأسلوب وحشي يندى له جبين الإنسانية .

كما تم نقل أعداد كبيرة من الأكراد إلي المناطق الصحراوية في جنوب العراق بسيارات الحمل ،إمعاناً بإذلالهم ،ونُهبت ممتلكاتهم ومواشيهم .

ورغم كل الجرائم التي أقترفها النظام الصدامي باستخدامه السلاح الكيماوي ،ليس ضد القوات الإيرانية فحسب ،بل وضد الشعب الكردي كذلك فإن تلك الجرائم لم تحرك مجلس الأمن ،ولا حكومات الدول الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان ،وشجع موقفهم حاكم بغداد على الإيغال بجرائمه ضد الإنسانية .

وبإلحاح من حكومة إيران وشكواها بأن العراق قد استخدم السلاح الكيماوي المحرم دولياً ،اضطرت الأمم المتحدة إلى إرسال بعثة خبراء إلى طهران في 26 شباط 1986 للتحقيق في الشكوى وقد مكثت البعثة مدة أسبوع في طهران ،ثم رفعت تقريرها الذي أكد على أن العراق قد استخدم الغاز السام في الحرب ،واضطر مجلس الأمن إلى أن يصدر قراراً يدين العراق لأول مرة !!!،لكن ذلك القرار كان قد صيغ بشكل مائع ولم يؤدِ إلى إيقاف تلك الجرائم ،بل استمر النظام العراقي في استخدامها حتى نهاية الحرب .

غير أن الغرب صحا فجأة ، بعد عام 1989 ،بعد أن انتهت الحرب مع إيران ، وبدأ يتحدث عن تسلح النظام العراقي بأسلحة الدمار الشامل ،الكيماوية والبيولوجية والجرثومية والنووية ، فلقد تغيرت الحال بعد الحرب ،وخرج العراق منها منتصراً ولديه ترسانة ضخمة من الأسلحة تجعله خطراً داهماً على مصالحهم في الخليج ، ووجد الغرب أن الوقت قد حان لنزع هذه الترسانة الخطيرة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والجرثومية ،والصواريخ البعيدة المدى والقادرة على حمل تلك الأسلحة إلى مسافات شاسعة ،وكان لابد وان يجد الغرب الوسيلة ،والمبرر لذلك ،كما سنرى فيما بعد .​



التوثيق






(1) حرب الخليج ـ أوهام القوة والنصر ـ محمد حسنين هيكل ـ ص136.

(2) نفس المصدر السابق ـ ص 136 .

(3) مذكرات الكولونيل أولفر نورث ـ مساعد مستشار الأمن القومي الأمريكي ـ تحت النار ، 1991 .

(4) أوهام القوة والنصر ـ هيكل ـ ص134

(5) أوهام القوة والنصرـ ص138.

(6)المصدر السابق ـ ص 129

(7) حرب الخليج ـ أوهام القوة والنصر ـ محمد حسنين هيكل ـ ص 152

(8)نفس المصدر السابق .ـ ص 157
 

ENG MUHAMED

[ADMIN]
طاقم الإدارة
25 فبراير 2008
10,079
43
48
support-ar.net
بعض الصور لبعض المعارك

e4bbc1d61ba8b38ef875025d55caf949.jpg

785706e3f4a16748064877818766ab25.jpg

25802d7521bb3b707447b5a32fec271c.jpg

871876fd4275faa010e6acfe725c75e8.jpg

3e5cbebe9e2590fcd60685705f41a0a2.jpg
 

ENG MUHAMED

[ADMIN]
طاقم الإدارة
25 فبراير 2008
10,079
43
48
support-ar.net
الموضوع مكتوب بمنظور حربى يتحدث عن ارقام وتحركات عسكرية ومعارك تحاكى ماحدث

===

لاعلاقة له بايران او الاكراد او بسنة او شيعة
او منظور سياسى او دينى