حكومة الأزمات

الميثاق

عضو جديد
18 أكتوبر 2009
15
0
0


منذ تولي جواد المالكي منصب رئيس الوزراء بعد مسرحية هزيلة أدت إلى تنازل ابراهيم الجعفري عن هذا المنصب لاسباب تكاد تكون معروفة أبرزها معارضة قوية من التحالف الكردستاني وجبهة التوافق والقائمة العراقية مما ادى الى ولادة حكومة فوضوية متناثرة اسفرت عن ضياع حقيقي في العمل السياسي توج بانفصال كلي وحقيقي بين الدولة وسلطتها التنفيذية والتشريعية وبين الجماهير التي كانت تطمح الى الحصول على ابسط مستويات الحرية والديمقراطية بعد سقوط صنم بغداد وما زال العراق يعاني من ازمات وكوارث ي واقتصادية واجتماعية تكاد تقضي على هويته الوطنية .
وبدلا من تحقيق المصالحة الوطنية بشفافية متجردة عن طريق تطبيق خطة امنية شاملة باتجاهاتها الاقتصادية والاجتماعية كان التقاسم الوظيفي والمذهبي والاثني واضحا في طبيعة ايدولوجية الحكومة المالكية مما تبع ذلك اقتتال طائفي وقومي مرير اودى لقتل وتشريد الالاف من العراقيين خصوصا بعد تفجير مرقدي الامامين علي الهادي والحسن العسكري في شباط 2006 للميلاد .
ولم تستطع هذه الحكومة خلال الفترة الماضية من تحقيق أي انجازات سياسية تذكر سوى تشكيلها لما يسمى بمجالس اسناد العشائر العراقية والذي تدرج في الانضواء تحت سقف دولة القانون وبدون أي حياء او خجل لتكون بداية لسقوط المهابة العشائرية في مستنقع المحاصصة الحزبية المفروضة من اجندات السلطة الحاكمة .
قابل ذلك دعم لوجستي كبير من الخارج لما يسمى بصحوات المنطقة الغربية لتفعيل الانقسام العشائري اضافة لما يزخر به العراق من انقسامات طائفية واثنية تكاد تمزق البلاد شرقا وغربا .
وعلى الرغم من وجود الاف المنظمات والمؤسسات المنبثقة من مكونات المجتمع المدني الا انها فشلت في تفعيل دورها للمساهمة في عملية المسامحة والمصالحة الوطنية لعدم استقلاليتها من تبعات وتوجهات الاحزاب الحاكمة التي استخدمت معها لعبة الجزرة والعصا لتبقيها في ظل حدود دوائرها المغلقة .
وعلى الصعيد الامني وبالرغم من زيادة وتفعيل ودعم القوات الامنية مع تخصيصات مالية طائلة اثقلت كاهل الميزانية العامة للدولة العراقية ادت الى زيادة وظائفها واذرعها الا انها ما زالت تعاني من خلل تنظيمي واضح خصوصا بعد ثبوت الانتماءات الحزبية والطائفية والاقليمية للكثير من مؤسساتها وفروعها مع زيادة خبراتها في ممارسة وسائل القمع والارهاب ضد المواطنين للحصول على المعلومات .
ويؤكد هشاشة وضعف المؤسسات الامنية عدم قدرة حكومة المالكي على حماية نفسها من الاقتتالات والتفجيرات الدموية خصوصا بعد تفجيرات الاربعاء الدامية التي ادت الى سقوط وزارات كبيرة وبالجملة مما زعزع الثقة الجماهيرية بالقيادات الامنية ونواياها مما اضطر المالكي الى اقالة عدد كبير من قادة الجيش والشرطة ابرزهم اللواء عبد الكريم خلف الذي يدعي بدوره انه لا يعرف اسباب الاقالة .
ولا يخفى على احد عدم قدرة هذه الحكومة على ايجاد ديناميكية واضحة لخلاص كركوك وشعب كركوك بكل مسمياته العربية والكردية والتركمانية من مشاكل العنف والارهاب والتهجير خصوصا مع تفوق واضح وقوي لصالح الفئة الكردية من قبل قوات البيشمركة التي يبدو انها عاهدت نفسها على ضم كركوك الى اقليم كردستان حتى لو تطلب الامر التخندق في جبهة قتالية ضد جيش بغداد .
اضافة الى فشل البرلمان العراقي في التغطية على اخفاقات وانتكاسات الحكومة المالكية بل نجد ان اغلب اعضاء البرلمان وبسبب انتماءاتهم الطائفية والحزبية كانوا يحاولون بشتى الوسائل والطرق اسقاط حكومة المالكي قبل ولادتها او نشؤها فراحت العصا البرلمانية تشرع القوانين الذاتية التي تهدف الى توفير حصانة امنية ومالية ومستقبلية لهم ولعوائلهم بصورة قبيحة ومقززة تعكس النوايا السيئة لشخوصهم التي تذكرنا بهمجية وطمعية المؤسسة الاقطاعية التي كانت متنفذة ابان الاحتلال الانكليزي للعراق وبدلا من ان يكون البرلمان هو المعبر الاول والاخير لتوجهات وتطلعات الشعب العراقي اصبح بوقا بهلوانيا يزمر ويطبل من اجل خصوصياته وانتماءاته الحزبية والمذهبية .
كما انه أي البرلمان ساهم وبشكل فعال وكبير في عملية عزل حكومة المالكي عن الشعب وبشكل منظم ومتعمد خصوصا بعد توقيعه على الكثير من الاتفاقيات الامنية والاقتصادية الاستراتيجية بدون الرجوع الى اراء وامال وطموحات الجماهير العراقية عن طريق اجراء عمليات تصويت شاملة في عموم العراق لتاكيد حق من حقوق الممارسة الديمقراطية التي تتمتع بها اغلب شعوب العالم المتحضرة لاثبات وجودها واحقيتها في تقرير مصيرها .
ولاننسى دور المفوضية العليا (اللامستقلة) للانتخابات في اثارة الكثير من المشاكل ادت الى اضعاف وتهميش الفكر الديمقراطي في العراق خصوصا بعد ثبوت ولاءاتها وانتماءاتها للاحزاب المتسلطة وهذا ما اثبتته انتخابات مجالس المحافظات خصوصا وانها لم تزل تعاني من عدم وضوح برامجها وخططها باحتواء سجلات الناخبين التي تشكو من ضعف التنظيم والادارة بسبب اعتمادها اليات سهلة الاختراق .
وخلاصة الامر ان حكومة المالكي وبرلمان المالكي ومفوضية المالكي باتت تتوغل وبشكل قوي وسريع في مستنقع الحماقات والاخطاء التكتيكية السياسية مما يتوجب عليها اعادة النظر الف مرة قبل ان تفكر مرة اخرى في ولاية ثانية لتفسح المجال للقوى الوطنية الجديدة لتاخذ دورها في قيادة الدولة العراقية لعلها تستطيع من خلال مسمياتها الأكاديمية الكفوءة انقاذ ما يمكن انقاذه من تاريخ وتراث ومستقبل العراق.

جبران نعيم
نينوى