حياء النبي صلى الله عليه وسلم

ahmedengu

عضو جديد
9 ديسمبر 2008
1,015
0
0
28
مصر
www.g-ara.com

الحياء خلق إسلامي رفيع،يحمل صاحبهعلى تجنبالقبائح والرذائل، ويأخذ بيده إلى فعل المحاسن والفضائل .
ويكفيلمعرفةمنـزلة هذا الخلق ومكانته في الإسلام، أن نقرأ قوله صلى الله عليه وسلم (الإيمان بضعوستون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطةالأذى عنالطريق، والحياء شعبة من الإيمان) رواهالبخاريومسلم، فالحياء فرع منفروعالإيمان، وطريق من الطرق المؤدية إليه .
وإذا كانت منزلة الحياء في الإسلام على هذهالدرجة الرفيعة، فلا عجب أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلمأعظم الناس اتصافاًبهذا الخلقالرفيع، فقد كان أكثر الناس حياءً، وأشدهم تمسكًا والتزامًا بهذا الخلقالكريم .
ويشبه لنا الصحابة الكرام خلقه صلى الله عليه وسلم، بأنه كان أشدحياء منالفتاة فيبيت أهلها؛ يروي لنا الصحابي الجليلأبو سعيدالخدريرضي اللهعنه ذلك، فيقول (كان رسول الله صلى الله عليهوسلم أشدحياءً من العذراء في خدرها) رواهالبخاريومسلم.
وأول مظاهر حيائه صلى الله عليه وسلم وأولاها،يتجلى في جانب خالقه سبحانه وتعالى؛ ولهذا لما طلبموسىعليهالسلام من نبينا صلى الله عليه وسلم أن يراجع ربه في قضية تخفيف فرضالصلاة، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج، قال صلى الله عليه وسلملموسى (استحييت منربي) رواهالبخاري؛فبعد أنسأل نبينا ربه عدة مرات أن يخفف عن أمته من عدد الصلوات، إلى أن وصل إلىخمس صلوات في اليوم والليلة، منع خُلق الحياء نبينا صلى الله عليهوسلم من مراجعةربه أكثرمن ذلك .
وأما حياؤه صلى الله عليه وسلم من الناس، فالأمثلة عليه كثيرةومتنوعة؛ فقدورد أنامرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية التطهر من الحيض، فأخبرهاأن تأخذ قطعة من القماش، وتتبع بها أثر الدم، إلا أن تلك المرأة لمتفهم عن النبيقصدهتمامًا، فأعادت عليه السؤال ثانية، فأجابها كما أجابها في المرة الأولى، غيرأنها أيضًا لم تستوعب منه قوله، فسألته مرة ثالثة فاستحيا منهاوأعرض عنها، وكانعائشةرضي اللهعنها حاضرة الموقف، فاقتربت من تلكالمرأةوشرحت لها الأمر بلغة النساء .
ومن الأدلة على حيائه صلى الله عليه وسلم، ماجاء في الصحيحين، عنأنسرضي اللهعنه، في قصة زواجالنبي صلىالله عليه وسلم بـزينب بنتجحشرضي اللهعنها، فبعد أن تناول الصحابة رضي الله عنهم طعامهم تفرق أكثرهم،وبقي ثلاثة منهم فيالبيتيتحدثون، والنبي صلى الله عليه وسلم يرغب في خروجهم، ولكن، ولشدة حيائه صلىالله عليه وسلم لم يقل لهم شيئًا، وتركهم وشأنهم، حتى تولى اللهسبحانه بيان ذلك،فأنزل عليهقوله تعالى {فإذا طعمتم فانتشروا ولامستأنسينلحديث إنذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق} (الأحزاب:53) .
وكان من حيائه صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا بلغه عن الرجل أمرغير جيد،أو رأى منهسلوكًا غير قويم، لا يخاطب ذلك الشخص بعينه، ولا يوجه كلامه إليهمباشرة، حياءً منه، ولكي لا يجرح مشاعره أمام الآخرين، بل كان منخلقه وهديه في مثلهذا الموقفأن يوجه كلامه إلى عامة من حوله، من غير أن يقصد أحدًا بعينه، فكانيقول (ما بال أقوام يقولون: كذا وكذا) رواهأبو داود. وهذا من حيائه صلى اللهعليه وسلم، وتقديره للآخرينأن يجرحمشاعرهم، أو يشهِّر بهم أمام أعين الناس .
وكان منأمر حيائهصلى الله عليه وسلم، أنه إذا أراد أن يغتسل اغتسل بعيدًا عن أعين الناس - ولم تكنالحمامات يومئذ في البيوت، كما هو شأنها اليوم - ولم يكن لأحد أن يراه، وماذلك إلا من شدة حيائه. أخبرنا بهذاابن عباسرضي اللهعنه، قال ( كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم يغتسل من وراء حجرات، وما رأى أحدعورته قط). رواهالطبراني، قالابنحجر: وإسناده حسن.
ومن صور حيائه ما جاء في سننالدارمي، قال ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حييًا، لايُسأل شيئًا إلا أعطاه ) وهذا من طبع الحيي أنه لا يرد سائله، ولايخيب طالبهوقاصده .
ولم تكن صفة الحياء عنده صلى الله عليه وسلم صفة طارئة، بل كانتصفة ملازمةله في كلأحيانه وأحواله؛ في ليله ونهاره، وفي سفره وإقامته، وفي بيته ومجتمعه، ومعالقريب والبعيد، والصديق والعدو، والعالم والجاهل؛ وقد روى لناالقاضيعياضفي صفةمجلسه صلى الله عليه وسلم، فقال ( مجلسهمجلس حلموحياء )فما ظنك بمن كانت مجالسه، مجالس تسود فيها صفات الحلم والحياء ؟!
لكن يشارهنا، إلىأن الحياء لا ينبغي أن يكون مانعًا للمسلم أبدًا من أن يتعلم أمور دينهودنياه؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسألون رسول الله عن كل مايعنيهم في أمردينهم أودنياهم، حتى ورد في الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم علم صحابته كل شيء،حتى الأمور المتعلقة بقضاء الحاجات؛ كالدخول إلى الحمام بالرجلاليسرى، والخروجمنهاباليمنى، وعدم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، وعدم استعمال اليد اليمنى حالإزالة النجاسة، ونحو ذلك من الأمور التي لم تمنع الصحابة من أنيسألوا عنها لتعلقهابعبادتهمونظافتهم .
وكذلك كان النساء من الصحابة، يسألن رسول اللهعن شؤون دينهن، وقد صح أن الصحابيةأم سُليمرضي اللهعنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إنالله لا يستحييمن الحق،هل على المرأة من غسل، إذا رأت الجنابة في منامها؟ فقال لها (نعم، إذا رأتالماء).والحديث في الصحيحين. فقد علمت رضي اللهعنها أندينها يفرض عليها أن تتعلم أمور دينها، لذلك لم تستحِ من سؤال النبي صلىالله عليه وسلم عما دعت الحاجة إليه، وقدمت لسؤالها بقولها: ( إنالله لا يستحيي منالحق ) حتىتقطع الطريق على من قد يسمع سؤالها، فيتبادر إلى ذهنه أن سؤالها هذاينافي الحياء ويجافيه .